Image
Image

افتتاح المؤتمر العام الرابع لحزب المستقبل

كلمة في حفل خطابي أقامه حزب المستقبل وأمينه العام المرحوم سليمان عرار بتاريخ 24/5/1997 وللتوضيح فان اتصالات كانت جارية بيني والسيد احمد عبيدات من جهة والسيد عرار من جهة ثانية لتكوين حزب جديد يجمعنا نحن الثلاثة. وفي وقت لاحق طلب السيد عيسى مدانات الانضمام إلى هذه الاتصالات باعتباره أميناً عاماً للحزب الديموقراطي الوحدوي الاردني، الذي كان نتاجاً لإندماج ثلاثة أحزاب يسارية، السيد عبيدات لم يكن محبذاً للاتصالات مع اليساريين في ضوء تلك الظروف كتبت كلمتي هذه.

 

يلتئم المؤتمر السنوي العام لحزب المستقبل، في وقت تشهد فيه الساحة الحزبية في الأردن تحولات مهمة، سيكون أثرها على الحياة السياسية عند استكمالها هاماً وبعيد المدى، وإيجابياً فيما إذا حسن التعامل معها.فقد اندمجت عشرة أحزاب في الحزب الوطني الدستوري لتمثل اليمين السياسي، وهذا الحزب بحكم تركيبته وخلفيته السياسية، سيكون قريباً من التوجهات الحكومية، مما سيفتح آفاقاً ومناخات غير متوفرة للأحزاب الأخرى، كما أن حزب جبهة العمل الإسلامي الممثل للتيار الإسلامي موجود بشكل فعال ومؤثر منذ فترة في الساحة السياسية والحزبية، وأيضا هناك محاولات حثيثة، نتمنى نجاحها، لإيجاد تجمع حزبي للأحزاب اليسارية، ولاستكمال هذه التجمعات الحزبية الرئيسة، فقد أصبحت الحاجة الآن ملحة لكي تلتقي أطياف الوسط الديمقراطي التقدمي في تجمع يلم شملها ويملأ فراغاً سياسياً ملحوظاً في الساحة الحزبية، وإنني على يقين بأن مثل هذا الحزب الجديد سيحظى بجماهيرية واسعة ومصداقية عالية، إذا تمثلت فيه القيادات والوجوه النظيفة ذات الحس الوطني العالي، وعندها تبدأ حقبة العمل الحزبي الحقيقي المبني على البرامج والمبادىء الإصلاحية، لا على الاشخاص؛ المبني على الجماهيرية وليس النخبوية، وسيكون البقاء للحزب الأصلح الذي يمثل نبض الناس، ويعمل لأجلهم، وينشئ الديمقراطية الحقيقية والمؤسسية.

 

وأعتقد أن بداية العمل المؤسسي في الأردن سيأخذ أبعاداً إيجابية عند تكون ونضوج هذه التجمعات الحزبية والتصاق بعضها بالقرار الحكومي والدفاع عنه بكل الأحوال، لن يعيق إلا قليلاً السير نحو المؤسسية والتعددية الحزبية الحقيقية.

بهذا نكون قد بدأنا في بإقامة شبكة الأمان التي ستحمي الأردن من مجاهل المستقبل، وبهذا نكون قد بدأنا تجديد العمل السياسي الذي تبدو عليه مظاهر الترهل والهرم.

 

إن اختلال الأولويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والضبابية التي بدأت تحيط بالهدف الوطني، وعدم وضوح الطريق التي نسلكها، أمور تؤدي باستمرار إلى تحلل النسيج الاجتماعي وإلى التفكك الداخلي، فالمرض يسري في شرايين مجتمعنا بالرغم من كل الصور الجميلة التي تحاول الحكومة ومسؤولوها بمستوياتهم كافة والإعلام رسمها لواقعنا، فهذا الواقع هو حياتنا التي نعيشها يومياً، لا الأوهام المزروعة في عقولهم، والاختلالات الاقتصادية والاجتماعية تزداد وضوحاً واتساعاً وبالتالي، فإن إمكانية إجراء الإصلاح الحقيقي تصبح أكثر صعوبة وأبعد منالاً، والأنكى من ذلك أنه عندما يقوم أناس مثلنا بالتعرف إلى تلك الأمراض والمشاكل والتداعيات، وعندما يطالبون الجهات الرسمية والسلطة التنفيذية بكل موضوعية وإخلاص للتعامل معها وحلها في الوقت المناسب، فإننا نتهم من قبلهم إمــأبأننا المعارضة غير المسؤولة، أو أننا انتهازيون يسعون للعودة إلى مناصبهم التي فقدوها، أو أن البعض يأتمر من جهــــــات خارجية، لكننا سرعان ما نجد أن تلك الأمور يتم الاعتراف الرسمي بوجودها وبضرورة التعامل معها وحلها، إنهم في كثير من الأحيان والمواقف في حالة الدفاع عن النفس وتفسيرالخطأ، وهذا هو سبب الانعطافات الكبيرة في السياسة الأردنية، وهذه هي الصفة الحالية لتلك السياسات: التخبط. ولن أعطيكم إلا مثالاً واحداً (موسى أبو مرزق) الـذي أجبرناه منذ فترة على مغادرة الأردن، أنه شخص غير مرغوب فيه، وقد فعل ذلك مضطراً، ولم تنفع حينئذ كل محاولات الحوار والإقناع مع المسؤولين لمنع تسفيره. وها نحن الآن نجد أنفسنا نعيد استقباله نزولاً عند رغبة أميركية، ونرحب به ونفاخر بأننا قد حللنا وضعاً صعباً نحن خلقناه بأنفسنا.

 

علينا كمؤسسات حزبية وأناس يعملون في الحقل العام، واجب التعامل مع تداعيات وأخطار السلام المزعوم في كل من الأردن وفلسطين، فالسلام المنشود هو مغاير لما يجري الآن، وبذور الصراع العربي-الإسرائيلي ما تزال مزروعة في تربة الشرق الأوسط الخصبة، يرويها بنيامبن نتنياهو بمـــاء صهيونيته، ويسمدها بعنصريته، وخطر المشروع الصهيوني يقع علينا مباشرة وفوراًبعد فلسطين، وسوف نندم يوم لا ينفع الندم على تهاوننا وتجاهلنا لتلك الأخطار والأطماع.

 

أقول لهذا الجمع الكريم، ولكل مواطن صالح غيور: لا تقلقوا من خطورة ما يجري داخل المجتمع الأردني، ولا تنتظروا التحرك والعمل السريع والصادق لحين وصول النار إلى أصابعكم، علينا جميعاً التحرك قبل حدوث ذلك، وإلا فإننا جميعاً خاسرون وسيصيبنا الأذى مهما علا أو صغر شأننا.

 

شكراً لحزب المستقبل على دعوتهم الكريمة لي للتحدث أمامهم، وأبارك لهم مؤتمرهم السنوي.

 

وكل عام وأنتم والوطن بخير.

 

Term of use | Privacy Policy | Disclaimer | Accessibility Help | RSS

eMail: info@tahermasri.com Tel: 00962 65900000

Copyright @ 2015 Taher AlMasri the official web site, All Right Reserved

Image