Image
Image

كلمة تأبين المرحوم موسى الساكت

كلمة ألقيت في قصر الثقافة بتاريخ 10/3/1999 في تأبين "أبو القضاء الأردني" ورمز النزاهة في الجسم القضائي

 

يقــول الحديـــث النبوي الشريف (عدل ساعة خير من عبادة سبعين سنة). وقيل فـــي الماضي (القانـــــون هو مجموع الشروط التي بها حرية الواحد يمكن أن تتحد مع حرية الآخر وفقاً لقانون كلي للحرية). وقيل أيضاً (الضمير هو الأخلاق، وقد صارت عينه مطبقة، وهي تعكس شخصية الإنسان بكاملها، في عقلها وعواطفها معاً، ويظهر مقدار الايمان الفعلي للشخصية بالقيم، ويمتحن في مناسبة عمق ما نحن، وما نود أن نكون، على الصعيد الأخلاقي والالتزام بالواجبات). ويقول فيلسوف فرنسي (تجتمع مقدرة الشعب كلها في هذه الطائفة الصغيرة المؤلفة من الرجال الممتازين، اؤلئك الذين إذا أخرجناهم من كل جيل، سقط مستوى الأمة العقلي سقوطاً كبيراً، وإلى هذه الطائفة يرجع الفضل في الرقي الذي وصلت إليه الأمم في جميع فروع الحضارة، والتاريخ يدلنا على أننا مدينون لهذا الرهط بكل ذلك).

 

لقد عدل فقيدنا موسى الساكت ألف ساعة، وكان يمثل إيمان الوطن وضميره اليقظ وعزيمته الصلبة، فكان مثلاً للنزاهة والاستقامة خلال خمسة عقود، ودافع عن مواقفه وقناعاته وكذلك عن زملائه بكل شجاعة وجرأة وكان دائماً الفائز لأنه كان على حق، كما أن الفقيد الغالي طبق مبـــدأ (إبدأ بنفسك أولاً)، وآمن أن الالتزام بهذا لا بد أن يؤثر في محيط الإنسان، وفي مؤسسته هذا ما حصل، فأصبح القضاء مؤسسة بمعنى الكلمة، متسمة بتحقيق العدل والاستقامة والنزاهة، وفوق هذا وذلك أصبحت السلطة القضائية ذات استقلال مشهود، وصمد موسى الساكت ورفاقه أمام جميع الضغوط التي مورست عليهم، وبقي سجله الشخصي وسجل القضاء أبيض ناصعاً من كل مثلبة.

 

العدل والفكر والضمير والأخلاق والواجب والإيمان بالحرية، كلها قيم ومفاهيم آمن بها إنسان واحد في الأردنوتجسدت فيه، هو المرحوم موسى الساكت.مدرسته هذه نراها تبتعد عنا، نمتدحها ولا ننضم إليها، ننادي بها ولا نقتدي بها. نرى آثارها الرائعة ولا نكررها.

 

إن الحديث في ذكرى رجل كبير، هي مناسبة ممتازة لنطلب من زملاء موسى الساكت ومريدي مدرسته ومفاهيمه، أن يتحملوا مسؤولياتهم لحماية القضاء وحماية حقوق المواطنين، وأن يجعلوا من عدله وفكره ومسلكه قدوة لهم، ومؤسسة القضاء قادرة، على الرغم من الصعوبات التي تواجهها على الدفاع عن هذا الصرح الإنساني والدستوري، وعلى حماية مصالح الأمة كما أنها مناسبة كي نتفق أولاً، ثم ندعو لاعادة تقييم شاملة لمجتمعنا، بدءًا بالإنسان الذي يجب أن نعزز فيه مبادىء الحق والعدل والمساواة والصدق والديموقراطية والعروبة والإسلام، وإن الخمول ولا أقول أكثر، الذي يهيمن على الوطن والأمة، مرده تراجع العدل والمساواة التي ناضل فقيدنا الكبير أكثر من50 عاماً لتأمينها لكل مواطن.

 

أقول شكراً ووداعاً يا أبا عوني، وليرحمك الله معلماً فاضلاً وإنساناً فذاً.

 

Term of use | Privacy Policy | Disclaimer | Accessibility Help | RSS

eMail: info@tahermasri.com Tel: 00962 65900000

Copyright @ 2015 Taher AlMasri the official web site, All Right Reserved

Image