Image
Image

افتتاح منتدى المجتمع المدني الموازي لمنتدى المستقبل

ألقيت هذه الكلمة في افتتاح المنتدى الذي أقيم في مدينة دبي في 15/10/2008 بصفتي المفوض العربي لمؤسسات المجتمع المدني لدى جامعة الدول العربية

 

أشكر دولة الإمارات العربية المتحدة ومنتدى المستقبل وشركاءهم والراعين، على دعوتي لإلقاء كلمتي هذه، وعلى الجهود الطيبة من حيث برنامج العمل والتنظيم والضيافة.

 

أصبح الحديث عن المجتمع المدني ومؤسساته أمراً أساسياً في حياة المواطن العربي لما يمثله هذا الشريك الجديد من دور فاعل في عملية الإصلاح والتنمية.

 

إن الحديث عن علاقة صراع ما بين المجتمع المدني والحكومات أمر غير وارد على الإطلاق، لسبب بسيط هو أن الحكومات تمثل إدارة المصاريف وتوجيهها، في حين يمثل المجتمع المدني القواعد الشعبية التي تنشدها وتعمل لصالحها الحكومات. ويؤكد على المعادلة، التوفيق بين الجهود الإصلاحية التي يقوم بها المجتمع المدني ويهدف إلى التأثير في صانع القرارلتبني وجهة نظره فيما يتعلق بالقضايا المدنية مدار البحث.

 

ولربما نقبل القول أن هنالك حالة تنافسية لخدمة الهدف على اعتبار أن كل طرف يسعى ويرغب في تقديم الأفضل للفئات المستهدفة، إلا أنه وبالاجمال نعتقد أنه يجب أن تغلف علاقة اطراف المعادلة من حكومات ومجتمع مدني وقطاع خاص والاعلام، حالة من التكامل في خدمة التنمية وقطاعاتها.

 

ولا بأس أن يضع كل طرف معايير رفيعة المستوى وذات مهنية عالية لخدمة توجهه، وأن تكون هنالك أدوات رقابية للمحافظة على نوعية الأداء وعدم تسرب الفساد إليه، إلا أنه من الأفضل الإجماع على معايير وأدوات معينة تتفق عليها جميع الاطراف تجنباً لازدواجية العمل، وأن يكون المعيار نتاج اتفاق جماعي.

 

ولا يجب أن تنشغل الأطراف المعنية من حكومات وقطاع خاص وأهلي بخوض جدال لا جدوى منه، يعطل مسيرة العمل التنموي في قضايا لا تشكل محوراً تنموياً للجمهور ولهذا يجب أن يكون هناك التزام ومسؤولية من قبل جميع الأطراف.

إن على المجتمع المدني أن يأخذ مع هذه التحديات بعين الاعتبار والأهمية خلال عمله.والمجتمع المدني يشكل مثلثاً له ثلاثة أبعاد تتمثل في أنه تطوعي، غير ربحي، غير حكومي. ويمثل فضاؤه التنمية لما فيه الصالح العام. كما يستند المجتمع المدني في عمله إلى سيادة دولة القانون، والديموقراطية وحقوق الإنسان، ويعمل من خلال أدوات مهنية فاعلة هي الشفافية والمساءلة والمصداقية. وهي عناصر احتضنها الحكم الرشيد.

 

نعتقد أن الجميع معني بالعمل الجاد وبدون كلل لإزالة المعيقات أمام ذلك سواءً أكانت معوقات تشريعية أم قوانين ناظمة أو مفاهيم خلافية من قبل جميع الأطراف، قد تعيق حركة تدفق الدم في هذا الشريان الرباعي مما يسهل عملية وصول الاكسجين بسهولة ليصل إلى الجمهور الذي يمثل القلب والعقل في هذه الحالة.

 

لقد صرف الكثير من الوقت حول طلب الأطراف تحديد الدور والوظيفة للمجتمع المدني، وهو دور يقوم به بإتقان ووظيفة يؤديها بمهنية. وقد آن الآوان لإعطاء الزخم حول قضية التكامل في العمل ما بين هذه القطاعات: الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص والإعلام بهدف تحسين نوعي وتنموي.

 

إن التكامل والوحدة في التنوع والاختلاف يثريان العمل، ولا يجب تهميش أي فئة في اتخاذ القرار لأن الطريق باتجاه التكامل بين اللاعبين الرئيسيين لا يتأتى إلا من خلال إشراك الجميع في عملية التنمية. وبالتالي فإن المشاركة تمثل عنواناً رئيسياً يلتزم به الجميع ويشكل أداة نجاح كبيرة.

 

إن النموذج الأوروبي، على سبيل المثال لا الحصر، يعكس في علاقاته ما بين الحكومات والمجتمع المدني التنوع والمشاركة على قاعدة سيادة دولة القانون.مقابل الالتزام والمسؤولية التي تقـــع على عاتق جميع الأطراف. وكل طرف يعرف حدوده، فلا يعتدي أي طرف على حدود الطرف الآخر، وهذا أحد العناصر التي شكلت نجاح تجربة المجتمع المدني لديها.

 

إن أهمية هذا المجتمع المدني الذي احتل مساحة مهمة في حياة المواطن العربي والمنطقة العربية تقع على عاتقه بناء علاقات تكاملية بينه وبين القطاعين العام والخاص والإعلام والتي تشكل الروافد الرئيسة في دعم ديمومته، والعكس صحيح، وعلى الحكومات أن تبادر إلى وضع أسس لعلاقات تكاملية مع هذا القطاع الهام.

 

لقد سبق وأدت مؤسسات المجتمع المدني دوراً نموذجياً في التكامل لدى العديد من المناطق العربية فقد انخرطت مؤسسات المجتمع المدني بدور متميز في كل من فلسطين ولبنان عندما غابت الدولة، وقامت بالدور البديل في التنمية وشارك الرجل والمرأة والشباب بدور متميز. ولم تسع للسلطة لإصرارها على العناصر التي تعمل على تأصيلها من ديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم العادل، وإن دورها على مساحة الوطن العربي لا تغيب عن لبيب.

 

وفي النهاية، فإنه يفترض بنا أننا تجاوزنا الكثير من المصاعب باتجاه التأسيس للفكر والممارسة التنموية على أساس مهني، وأن نقوم بتحقيق علاقة التعاون والتكامل من منظور أن ذلك يخدم الهدف النهائي الذي نعمل جميعاً لأجله وهو العدالة للسواد الأعظم من جمهورنا العربي على المستويين القطري والعــربي. وهذه مسؤولية وطنية وقومية علينا جميعاً أن نتحمل تبعياتها وأن نعمل باتجاه جعلها حقيقة واقعة، من خلال تكاتف جميع أطراف المعادلة.

 

 

 

 

 

 

Term of use | Privacy Policy | Disclaimer | Accessibility Help | RSS

eMail: info@tahermasri.com Tel: 00962 65900000

Copyright @ 2015 Taher AlMasri the official web site, All Right Reserved

Image