Image
Image

كلمة تأبين المرحوم محمود الكايد الحياصات

ألقيت هذه الكلمة بتاريخ 7/8/2010، محمود الكايد هو عميد الإعلام الأردني وصاحب موقف وطني شريف وملتزم. فتح بابـــاً واسعاً لحـــرية الـــراي، وتجاوز اعتبارات كثيرة. جاف بنشره مقالتي الشهيرة (هل تاهت البوصلة الأردنية)؟ المنشورة في هذا الكتاب من أجل الحرية التعبير وإستقلالية جريدة الرأي.

 

يقول الحق جلت قدرته في مُحكم كتابه العزيز:"مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا" صدق الله العظيم صورة الاحزاب الأية 23

 

ويقيناً حضرات الكرام، فإن عهد الرجال الطيبين الصادقين الأوفياء، ما تبدل أبداً.والراحل الذي نرثيه ونبكيه اليوم معاً، هو المرحوم محمود الكايد الحياصات؛ قامة العز التي ما انحنت أبداً إلا لله الواحد القهار. هو الوطني الأردني الذي سَمتْ الوطنية في شخصه بأسمى وأعف مراميها. وهو العربي العربي، الذي تجسدت في ذاته العروبة في أبهى معانيها. وقبل كل هذا وذاك، هو الإنسان الرائع الذي لا تملك إلا أن تقف صامتاً بين يدي ذكراه، تقديراً وثناء وعرفاناً. إنه العصامي الكبير الذي منّى النفس بالتميز، فأبدع وكان له ما أراد؛ فارس الموقف والكلمة، وأشهد بذلك ولا أتردد أبداً. وحسبه أن ظل موضع إعجاب الجميع، بلا استثناء، فلم تأخذه الأيام بعيداً عن دروب الوفاء والرجولة والصدق والصفاء، برغم ما شهدت تلك الأيام من تطورات وتقلبات ومصالح وأهواء؛ إذ ظل أبو عزمي صاحب العزم الأمضى في الثبات على المبدأ واحترام الذات.

 

ليس أنبل من الصدق إلا الصادقين أنفسهم.ولقد كان أبو عزمي، عطّر الله ذكره وذكراه، صادق العهد والوعد معاً؛ ترفع عن الصغار والصغائر، فأثار إعجاب القريب والبعيد على حد سواء، تدرج في العطاء من القمة إلى القمة، فاستحق الثناء والتكريم في مماته كما في حياته؛ مناضلاً ما ادعى يوماً شرف الدفاع عن قيم الحرية والديمقراطية والكرامة والعدل، فقد كان كلامه موقفاً، مثلما كان صمته موقفاً كذلك. وهو من أسهم صادقاً في تعزيز شرف النضال سياسياً وإعلامياً وثقافياً وإنسانياً. وعلى كل صعيد راق نبيل محترم. ومثله، يرحمه الله، من يحق له ولأسرته كافة أن يفخر ويفخروا جميعاً بأنه وبرغم حساسية ميادين العمل التي خاضها بشرف، لم يحد يوماً عن جادة الصواب وحرمة الكلمة وقدسية معانيها. وهو من بنى، مع رفاق كرام، مؤسسة هي اليوم صرح وطني ومنبر إعلامي كبير، له في كل زاوية منه سمة وبصمة وذكرى. وظل نقيباً في خُلقه وأدائه، وفي احترام رفاقه ومرؤوسيه. وها هم اليوم يُجمعون على أنه ما كان إلا الصامت بشرف، والمتحدث بشرف، والمفكر أيضاً بشرف. ولعمري، حضرات الكرام، فإن من كان هذا هو شأنه، فقد علا وتسامى مقامه، وهو الذي آمن بالمؤسسية نهجاً، وصدق الإيمان بالعمل المخلص، إنتماء للوطن والأمة وقضاياها.

 

تملك صحيفة "الرأي" أن تزهو بعطاء الراحل الغالي. ولها وعليها أن تصون نهجه، بأن يكون لها من اسمها نصيب. ويملك جيل الصحفيين، وسائر أهل الفكر والرأي والقلم، أن يعززوا في حياتنا وسلوكنا قيماً عمل الفقيد من أجلها وأبلى؛ حيث الوطنية والقومية والإنسانية؛ ثالوث قداسة يصنعه الكبار ويحميه الكبار، بروح المؤسسية وروح الجماعة. هو نمط متقدم لأداء الإنسان المتقدم، حيث للكلمة الحرة المنزهة عن كل سقوط، حرمة وجب أن تصان وتحترم.

 

هو أبو عزمي؛ المناضل والسياسي والصحفي والنقيب والوزير. وقبل هذا وذاك، الإنسان الذي لا تملك إلا أن تحبه وأن تجزع لفراقه.هو أبو عزمي؛ صاحب الموقف حين تعز المواقف ويعز الرجال، فما هانت نفسه الحرة أمام المغريات، ولا سعى يوماً إلا إلى كل ما هو جميل وطيب ونبيل في حياة الوطن وإنسان الوطن. ومؤكداً أن عندي من حديث الذكريات النزيهة في سيرته، ما يثير الإعجاب والتقدير والاحترام.

 

رحل محمود الكايد، وترك لأهله وللسلط، مدينته ومسقط رأسه، ولنا وللوطن كله، إرثاً طيباً يداوي أسانا على فراقه، وذاك هو شأن الكبار في كل زمان ومكان. فلتقر عيناً أبا عزمي، إذ لك في كل النفوس محبة تبدأ ولا تنتهي. وعزاؤنا وعزاء أسرتك الكريمة وأهلك الكرام فيك، أنك عشت شهماً ورحلت شهماً. فإلى جنات عرضها السماوات والأرض أيها الغالي، بإذن واحد أحد.

 

والمجد للأردن العزيز بقيادته الهاشمية الكريمة. والمجد لكل من أعطوا ومضوا، كراماً أنقياء طاهرين. ومؤكد أنك، فقيدنا الغالي، في مقدمة الصفوف منهم.

 

 

 

 

 

Term of use | Privacy Policy | Disclaimer | Accessibility Help | RSS

eMail: info@tahermasri.com Tel: 00962 65900000

Copyright @ 2015 Taher AlMasri the official web site, All Right Reserved

Image