Image
Image

الإعلام الأردني: حرية ومسؤولية وطنية

ألقيت هذه الكلمة بمناسبة افتتاح أعمال المؤتمر الوطني الاول للإعلام والذي دعت إليه نقابة الصحفيين الاردنيين وعقد فيقصر المؤتمرات-البحر الميت بتاريخ 10/4/2010

 

في بداية هذا اللقاء الخير أود أن أتوجه إلى نقابة الصحفيين، نقيبا ومجلس نقابة وأعضاء، بخالص الشكر والتقدير على كريم دعوتهم لي لرعاية أعمال المؤتمر الوطني الأول للإعلام، الذي ينـعقد تحت شعار (الإعلام الأردني: حرية ومسؤولية وطنية). وهنا لا بد من التوقف عند كلمة: الحرية، فهناك إجماع نظري على معناها، واختلاف عملي في مدى تطبيقها والالتزام بها.

 

وكما تعلمون، أخـواتي وإخواني، فإن الإعلام، بمختلف وسائله، أصبح في عالم اليوم قوة لا يستهان بـها، وأصـبح مفـهوم "السلطة الرابعة" واقعا يتجذر يوما بعد يوم، وليس مجرد شعار كما كان الأمر عليه في السابق. فالتغيرات والتطورات والأحداث التي ما يزال عالمنا يشهدها منذ نهايات القرن الماضي وحتى اليوم، قد شارك الإعلام في صنع جزء منها، وعمل على تقديمها إلى المواطن المنشغل بقضاياه الخاصة، والذي اتخذ مواقفه وكون آراءه بناء على تلك الوجبة الإعلامية التي قدمت إليه.

 

وهذا الأمر يقودنا إلى الاعتراف بحقيقة أن الإعـلام صانع رأي عام، ومؤثر أساسي في تكوين اتجاهاته. من هنا يجب أن يكون مستوى المهنـة عاليا وموضوعـيا، وألا يلهث الإعلام وراء الإثارة.فدوره، وكما أعتقد، لا يقتصر فقط على المجال السياسي، وإنما يمتد إلى المجال الاجتماعي أيضا، فيعمل على ترسيخ القيم المجتمعية الإيجابية. وقد يعمل على تطوير قيم وعادات سلبية، لا تؤدي إلا إلى خلخلة تركيبة المجتمع. ولذلك أقول إن للإعلام دورا في دعم تماسك المجتمع، وإذ أتحدث عن المجتمع، اسمحوا لي أن أشير إلى أهمية الإعلام الأردني، ودوره الهام في تشكيل صياغة واقع المجتمع الأردني ومستقبله.وكما هو معروف للجميع، فإننا نواجه على الصعيد الداخلي أوضاعا اقتصادية ليست سهلة، وعلى الصعيد الإقليمي تشكل الأوضاع السياسية والأمنية بؤرة توتر تنعكس آثارها السلبية علينا، ومن المؤكد أننا لن نستطيع التصدي لهذه التحديات والتغلب على هذه الظروف الصعبة التي نواجهها إلا بمجتمع متماسك مترابط. ومرة أخرى تبرز أهمية دور الإعلام الإيجابي في تحقيق مثل هـــــــذا التماســك والترابط. وتزداد أهمية الإعلام ودوره في المجتمعات عامة، مع تطور التكنولوجيا، وانتشار استخدام الإنترنت، وظهور المواقع الإعلامية الإلكترونية في الأردن وفي كل العالم، وسطوة القنوات الفضائية الكثيرة والمتنوعة. لكن هذا التطور ترافق مع تحد جديد لدور الصحافة اليومية، فالمواطن أصبح قادرا على معرفة جميع التطورات والأخبار المحلية والاقليمية والدولية على مدار الساعة، وقبل أن يأوي إلى فراشه ليلا، من خلال هذه المواقع و/ أو الفضائيات، وقد لا يفكر في اليوم التالي بقراءة الصحيفة اليومية لأن المعلومــــات المنشورة فيها، أصبحت معلومات قديمة، اطلع عليها. وهذا الأمر هو تحد في غاية الأهمية، تواجهـــه الصحافة اليومية.وبالتالي، يجب على هذه الوسيلة الإعلامية، وأقصد الصحف اليومية، أن تكون إبداعية خلاقة في تقديمها للأخبار والتحليلات، بحيث تزود القارئ بشيء مفيد جديد غير مألوف، لم تقدمه لا نشرات الأخبار اليومية ولا المواقع الالكترونية، وبوجهة النظر وليس فقط الخبر، وبالمعرفة وليس المعلومة فقط، وهو أمر ليس سهلاً في المجتمعات المعاصرة مجتمعات المعرفة. ولا شك في أن برامج الصحافة الاستقصائية مثل برامج (أريج) خير مثال على ما أقول.

 

ولست مجاملاً عندما أقول إن إعلامنا الأردني يتمتع بالعديد من الايجابيات التي جعلته يتفوق على العديد من الوسائل الإعلامية العربية الأخرى، وهذا بحد ذاته مدعاة للإعجاب، وقد حقق إعلامنا الأردني هذا الإنجاز بالرغم من قلة الموارد، وصغر حجم السوق، ولكن يجب ألا نتوقف عند ما وصلنا إليه، فطموحنا، وإيماننا بقدرة الأردن والمجتمع الأردني على التقدم إلى الأمام والارتقاء، يجعلنا نطالب بالمزيد حتى نصبح القدوة في منطقتنا، وربـما فيما هو أبعد من منطقتنا. إن الالتزام بالمفاهيم والأهداف الوطنية البحتة لا الأجندات الشخصية، أو المكسب المادي أو غيره، وسعة الأفق يجب أن يكون هو حافزنا جميعا، لأن الوضع الإقليمي والداخلي، كما قلت سابقا، صعب للغاية، وواجبنا جميعا إعلاميين وغير إعلاميين، العمل يدا بيد من أجل حماية الوطن من تلك المخاطر القادمة ولذلك، لا بد من التأكيد على قضية المسؤولية الاجتماعية وأخلاقيات العمل. فكما هو معروف وفي جميع دول العالم، فإن السلطة التنفيذية والقضائية تكونان عرضة للرقابة والمساءلة من قبل السلطة التشريعية، التي هي بدورها تخضـع لرقابة المواطنين ومساءلتهم. أما أنتم، السلطة الرابعة، فلا رقيب عليكم سوى ضميركم المهني، وبخاصة عندما تطرحون وجهات نظركم، لأن وجهات النظر لا تخضع للمحاسبة والمساءلة، في حيـن أن الخبر غير الدقيق يجب أن تتم محاسبة صاحبه، وهو الأمر المعمول به في جميع دول العالم. ولذلك لا بد من التمييز بين الخبر ووجهة النظر.

 

أشكركم عـلى حسن استماعكم، متمنيا لمؤتمركم التوفيق والنجاح.

 

 

 

Term of use | Privacy Policy | Disclaimer | Accessibility Help | RSS

eMail: info@tahermasri.com Tel: 00962 65900000

Copyright @ 2015 Taher AlMasri the official web site, All Right Reserved

Image