Image
Image

حفل تأبيين حسين مجلي

ألقيت هذه الكلمة في حفل تأبيين حسين مجلي في 29/11/2014

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاةُ والسلامُ على رسول الهُدى، محمد النبي العربي الأمين، وبعد،

 

أيهـــا الحفل الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبارك الله فيكمْ جميعاً، وأنتم تلتقون وفاءً لأنسانٍ كريمْ، عاشَ مخلصاً للمبدأ ووفياً له طيلة حياته، وما تبدل أبداً.وظل المؤمن بالله أولاً، ثم بوحدة هذه الأمة هدفاً ومصيراً، وجاهد على هذا الدرب الصعب طويلاً، ولم ييأس ولم يتردد، حتى والأمة فـي أضعف حالاتها. وظل الواثق من حتمية بلوغ الهدف، مهما طال الزمان.

 

كان المرحوم بإذن الله الاستاذ حسين مجلي، واحداً من أبرز المدافعين عن الحق والعدالة، وعلماً من أعلام القانون، نائباً ومحامياً ونقيباً لا يشق له غبار.ووزيراً، ومفكــــراً يبدع في إطلاق الفكرة، وفي الاخــــلاص لها، وطنياً وقومياً لامعاً، منخرطاً بنهم برحيل الغزاة عن تراب الوطن، وإسترداد حقوقه السليبة. لقد تسلح فقيدنا بالفكر القومي للدفاع عن قضايا الامة وتحررها.وما هانت قواه يوما بالدفاع عن الحقوق العربية المشروعة بتحرير الاراضي الفلسطينية التي احتلها الصهاينة وعلى وجه الخصوص المناداة بتحرير الاقصى والقدس وسائر الاراضي الفلسطينية المحتلة واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على ترابه الوطني والمحافظة على الحقوق الوطنية المشروعة للفلسطينين في وطنهم.

 

وتحمـــــل في سبيل ذلك الكثير. لكنه ظل صامدا ومصرا على الاخلاص لمبادئة، مهمـــا كانت الصعاب.

 

إن هذا الحشد المهيب، ذو رمزية واضحة بحضوره وبمتحديثه، إلتقوا في عمان لتكريم علم من أعلام القانون ومن أنصار الوحدة العربية، ليقولوا للعالم أن الفكر الوحدوي موجود ويقوى باستمرارنا بالعمل الوطني الصادق، مخلصون لمبادئنا ولفكرنا الوحدوي. 

 

رحمك الله ابا شجاع، ها انت تمضي للقاء وجه ربك، في زمن تشتت فيه أوصال الأمة، واشتدت المخاطر والتحديات امامها، وتكالبت عليها الأطماع والمطامح من كل حدب وصوبْ، واختلف الرأي بينها، وتعددتْ فيها المذاهب، والاجتهاداتْ، وتراجعت بين صفوفها سيادةُ القانون والنظام العامْ، وصار الاقتتال الداخلي وسفك الدماء، سمة ملازمة لها، ووجد العدو الغاصب لأرض فلسطين ومقدسات العرب والمسلمين، فرصة ثمينة لتسريع مخططاته الظالمة، وأصبح الدين الحنيف محط اجتهادات متباينة، وشوهت صورته الحقيقية الناصعة، بفعل فاعلين ومكر ماكرين، وغدا الارهاب تهمة جاهزة تلاحق العرب والمسلمين وتلصق بهم حيثما كانوا.

 

حضرة الأخوة والأخوات الكرام،

نلتقي اليوم، على ذكرى المرحوم حسين مجلي، ونحــن جميعاً حيارى في هذا الذي يجري، عالم يسوده منطق القوة بديلاً لقوة المنطق والحق، ويستحكم الظلمُ في وجودهْ، أكثرَ من أي وقت مضى، وعربٌ يقتتلون فيما بينهم، بلا رحمــــة.

 

أو تحكيم عقل، ونظامٌ عربيٌ ينهارُ ويتهاوى تباعاً، ومشروعاتٌ سياسيةٌ إقليميةٌ وعالميةٌ تأخذ طريقها بتسارع مريبْ، بينما يغيب تماماً عن الساحةْ، أي أثر لمشروعٍ عربيٍ يحفظ للأمة وجُودها، ويصون حاضرها ومستقبل أجيالها، وفي وقت تشتد فيه الهجمة الصهيونية في فلسطين، وتبدو نذر الانقسام والتقسيم، مُطلة برؤوسها في أكثر من بلد عربي، ولا أحد بمقــدوره التنبوء، بما هو آت في المستقبل القريب والبعيد.

 

لا جدال في أن الصورة قاتمة لا تبعث على إرتياح أبداً، وبأن المخاطر باتت فــي ازدياد من حولنا، وهذا يتطلب في تقديري، أن نعمل جميعاُ هنا في الاردن العزيز، علــى تحصين بلدنا ضد تلك المخاطر، وأن نوحد صفنا الوطني لصالح الوطنْ. فالأردن الذي أحبه فقيدنا العزيز، هو اليوم وكل يوم، أمانةُ في أعناقنا جميعاً، واجُبنا أن نحميه، من كل عبث، أياً كان مصدره، وأن نواصل نهج الاصلاح الشامل، في سائر مفاصل الدولة والوطن، وألا نستسلم أبداً أمام التحديات، وأن نُعظم جهودنا في بناء دولة المؤسسات والقانون، ضماناً لسيادة العدالة والمساوة ووحدة الصف، وبما يتيح المجال لمشاركة واسعةْ في صنع القرار وإدارة شؤون الوطن، وبما يعزز روح الانتماء الصادق الاصيل، ويعزز من قوة وسلامة النسيج الاجتماعي الوطني. وهذه واجبات وطنية على المسؤول والمواطن أن يلبياها بالتساوي. فالدولة ليست ملكاً إلا لابنائها ومواطنيها. وكما نطالب من المـــواطنين التعامل مع هذه المبادىء، فإننا أيضاً نطالب وبنفس القوة من المسؤولين، كل المسؤولين الالتزام بها. عندها فقط نستطيع أن نحمي الوطن ونقوي من نسجينا الاجتماعي ونحقق العدالة.

أيها الأخوة والأخوات الكرام، السيدات والسادة،           

 

لم يعد كافيا توصيف الحال، ولا البكاء على الاطلال.فأن نهضة العرب يجـب أن تبدأ وان تعود للحياة مجددا.ولا بد من ان تهزم قوى الظلام والتفرقة والانقسام والطائفية لصالح التسامح الوطني وتمكين مكوناته نحو حياة أفضل. ويجب علينا أن نقود هذا الأمل لتعود الأمة العربية إلى واقعها في ان تأخذ مكانها الحقيقي في الفعل الانساني.

 

ونحن في الأردن، وبعد امتحانات متعددة مررنا بها أثبتنا بأننا قادرين وراغبين ومؤهلين للمضي في هذا الدرب درب التوحد والاصلاح وبناء الدولة المدنية الحديثة.

 

رحمك الله أبا شجاع الغالي، فلقد عشت كريماً مخلصاً، وقضيت كذلك، والعزاء كل العزاء، لأسرتك الكريمة، عشيرتك الكريمة، وللوطن كله، فالى جنات الخلد باذن الله، وتبقى ذكراك الطيبة، في نفوس الجميع، إحتراماً وتقديراً وأسى على رحيلك.ولا تقول غير...إنا لله وانا اليه راجعون.

 

حفظ الله الاردن من كل شر، وفك أسر الاقصى المبارك وفلسطين السليبة، من ظلم الاحتلال الغاشم.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ووفقها لما فيه خيرنا وخير أمتنا.

Term of use | Privacy Policy | Disclaimer | Accessibility Help | RSS

eMail: info@tahermasri.com Tel: 00962 65900000

Copyright @ 2015 Taher AlMasri the official web site, All Right Reserved

Image