Image
Image

كلمة تأبين المهندس جعفر طوقان

ألقيت هذه الكلمة في متحف رأس العين-في عمان بتاريخ 19/1/2015

 

ايها الحفل الكريم،

نجتمع اليوم على سيرة رجل أحببناه ونستذكر بهذا الجمع الكريم المعماري المبدع المهندس جعفر طوقان بكثير من الفخر والمحبة، فهو ابن العائلة النابلسية العريقة وابن الشاعر الوطني الكبير إبراهيم طوقان، شاعر الأمة والوطن، صاحب نشيد "موطني"، وعمته الشاعرة الكبيرة الراحلة فدوى طوقان وأعمامه أحمد طوقان وقدري طوقان. ولا عجب في أنه لم يشذ عن قاعدة العائلة الوطنية المبدعة، رغم أن عمره كان ثلاث سنوات عندما توفي والده.

 

شق جعفر طوقان طريق العلم بالدراسة في كلية النجاح الوطنية في نابلس ثم في الجامعة الامريكية في بيروت، وتخرج في قسم الهندسة المعمارية حينها، تنقل ما بين بيروت والخليج العربي ساعياً لتحقيق آمالــه وطموحاته. وتأثر فقيدنا بتداعيات احتلال جزء من فلسطين عام 1948 ثم إكمال احتلالها عام 1967. وقد زاده هذا الواقع إصراراً على توسيع وترسيخ المفاهيم الوطنية والتراثية والاخلاقية لتكون كلها في خدمة تأكيد الهوية العربية الإسلامية للتمسك بمبدأ التحرير. فاستقر بعضاً مـــن الوقت في بيروت حيث عمل مع دار الهندسة ثم إتجه إلى الخليج، إلى أن استقر به الوضع في عمان، العاصمة التي أحبها وأعطاها الكثير محاولا إبقاء الروح التراثية قائمة فيها.

 

ولم يقبل أبو ابراهيم ذو الخيال الخصب أن يكون سقفه أقل من صفة التميز.فاتصل وتعاون مع أعلام عالمية في التصميم المعماري، وشاركهم التخطيط والريادة، ثم اختار أن يـــــــــؤسس لنفسه مكتباًهندسياً يعكس من خلاله تصوراته التي آمن بها في الهندسة المعمارية والتراث والفن. وعمل على المزج الرائع ما بين مفهوم العمارة الاسلامية والطبيعة المحلية، وما بين الأصالة والحداثة. وأصبحت هذه التصاميم تؤثر بوضوح على فن جعفر وأعطته منذ البداية ما يمككن تسميته (Trade Mark)، وانتشر اسمه في بلدان الخليج العربي وبلاد الشام وغيرها.

 

فقد صمم وشارك فقيدنا بالعديد من الأعمال التي تعتبر شواهد معمارية مثل مسجد عائشة بكـــار في بيروت وبعضاً من مباني جامعة العلوم والتكنولوجيا في إربد، وقرى الأطفال، والمتحف الوطني للفنون الجميلة ومبنى أمانة عمان الكبرى، ونادي ديونز، ومبنى بنك الاردن، وفندق ومنتجع ماريوت البحر الميت، والقرية الثقافية، ونادي السيــارات الملكية ومتحف محمود درويش وضريح الراحل ياسر عرفات في رام الله في فلسطين.وغيرها الكثير من الاعمال التي تعبر عن أسلوب معاصر صديق للبيئة، وكلها أعمال ننظر اليها بالكثير من الإعجاب من حيث التصميم.

 

نستذكر جعفر طوقان الإنسان، المولود في القدس، والذي ترعرع في عمان وسكنته القضية الفلسطينية والعربية. ولربما لم يجاهر بآرائه السياسية فاكتفى أن يعوض ذلك في العمل المبدع وبعضا من الأعمال الشعرية التي خصها لنفسه ولم ينشرها.

 

إن -رحمه الله – مـــرهف الحس للفن والآداب والموسيقى. وكان يعزف على أكثر من آلة موسيقية. أراد أن يسابق الزمــــن وأن يتعلـــــم شيئاً من كل شيء، لتوظيفه في فكره المعماري، فكانت الكاميرا رفيقته ليستكشف مواقع الجمال حيث تـــراه عيناه، ويبقى فضل الرفيقة الأولى زوجته أم إبراهيم هو الأول والأهم.

 

لقد حصل على العديد من جوائر التكريم لمساهماته الإبداعية المعمارية من أكثر من جهة في غير بلـــد. فقد تلقى شهادة تقدير على جهودة في إنشاء المتحف الوطني الاردني للفنون الجميلة وصيانته، وجائزة آغا خان للعمارة الاسلامية، وجوائز المدن العربية، وجوائز نقابة المهندسين الأردنيين، وغيرها العديد من جوائز التكريم، هذا دليل على عبقرية هذا الرجل في مجاله.

 

إن استحداث مسابقة التصميم المعماري باسم جعفر طوقان في الاردن ما هو إلا تكريم لإنجازاته وتقدير لرؤيته المعمارية الفذة.

 

برحيل الفنان المعماري الانسان المتواضع جعفر طوقان يفقد الاردن أحد رجالاته المبدعين في العمارة والمؤسس للمدرسة المعمارية الحديثة في الاردن.

 

نستذكرك يا أبا إبراهيم بالمحبة وبالسيرة العطرة، وندعو لك بالرحمة والمغفرة، وستبقى ذكراك تبعث فينا الدفء والتواضع كما أحببت أن تكون دائماً.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

Term of use | Privacy Policy | Disclaimer | Accessibility Help | RSS

eMail: info@tahermasri.com Tel: 00962 65900000

Copyright @ 2015 Taher AlMasri the official web site, All Right Reserved

Image