حفل عيد الكرامة ويوم الأرض
كلمة ألقيت في المركز الثقافي الملكي بتاريخ 28/3/2015
نحتفـــي اليوم بمناسبة وطنية عزيزة علينا جميعاً، تربطنا بها علاقة وجدانية” علاقة العز والفداء” يوم الكرامة هذا يحمل كل هذه المعاني وأكثر، في يوم الكرامة، دافعنا عن الشرف الوطني، وأعدنا الاعتبار للأمة من ألم الهزيمة، فاعتلى الشرف الرفيع بحدة، وانهزم العدو شر هزيمة. اندحر العدو، لأن إرادة الحق في الانتصار علت، وروت دماء شهدائنا الزكية الارض الطيبة.
معركة الكرامة هي الناقوس الذي قرعه شهداؤنا ليشحذ عزيمتنا في الدفاع عن الوطن مهما كلف الثمن، وهو يطرق الباب والذاكرة الان محذرا من الخطر الذي يحيط بنا من كل صوب.
ففي يوم الكرامة، امتزج الدمان الاردني والفلسطيني الطاهرانليسطرا ملاحم البطولة والفداء لحماية الأرض والوطن والشرف، ضد العدو الغاشم.
وفي يوم الكرامة دافع الأردني عن فلسطين، تماما كما دافع الفلسطيني عن الأردن، واتحدا ضد العدو المشترك.فيوم الكرامة يمثل لنا في الاردن شريان الحياة لنهضة الوطن، كيوم الارض بالنسبة لفلسطيــــــن والفلسطينين وللعرب أجمعين، هـو إعلان بتمسك بالارض والدفاع عنها واستعادتها من المحتل، والتمسك بالهوية الوطنية والعربية،وها هيأهلنا في فلسطين المحتلة وهم يستذكرون يوم الارض بانتفاضة تلو الاخرى في مقاومة التهويد والاحتلال، يصرون على عودة الحق العربي الفلسطيني لأصحابه الشرعيين، وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس العربية، بحيث أصبح يوم الارض يوما عالميا للتضامن مع الشعب الفلسطيني في تثبيت حقوق الوطنية على أرضه، والمحافظة عليها وصد المعتدي.نعم، التقت الكرامة والشرف في الحادي والعشرين من شهر آذار عام 1968 مع عنفوان يوم الارض في الثلاثين من آذار عام 1976 ومن كل عام، بعد أن روى شهداؤنا الأبرار بالدم ترابنا الوطني العربي.
ستكون دائما ذكرى معركة الكرامة إنذاراً ومنبهاً ضد المشروع الصهيوني الذي يسعى الى إعلان يهودية الدولة، وكذلك ضد سياسة المتغطرس نتنياهو، في اننا لن نقبل بغير إقامة الدولة الفلسطينية والقدس عاصمتها، لأن ذلك حق تاريخي وأبدي للفلسطينين.
إن الاحتفاء بمعركة الكرامة تجاوز حدود المناسبة حيث أصبح الاحتفال بالمعركة موقفاً سياسياً شعبياً يعكس قناعة الشعب الأردني بأنه يعرف نوايا إسرائيل، وأهداف المشروع الصهيوني، وهو مستــعد لمجابهتها كما جابههم في معركة الكرامة. إن الاحتفال الشعبي بيوم الكرامة هو رسالة واضحة لإسرائيل، وهي رمزية شعبية وحكومية موجهة لإسرائيل مضمونها إن إستعادة الحق في فلسطين قد يتطلب الاستعانة برمزية الكرامة، وإن من يسعى إلى يهودية الدولة فإنه يشكل بذلك خطراً يهدد الأمن الوطني الأردني، ويعمل على تصفية القضية الفلسطينية، إن الكرامة معركةُ طويلة الأمد سنخوضها ضد الاحتلال حتى النهاية وحتى يتحقق معكم ولنا الآمان الكامل.
كلنا يدرك ويعي جيداً أن أسوأ أشكال الإرهاب هو الاحتلال، وأن الإرهاب الحقيقي هو الاحتلال، وبسبب الاحتلال الصهيوني لفلسطين العربية ظهرت كل أشكال التطرف التي تعاني منها المنطقة العربية إضافة الى المشاكل القطرية المتراكمة التي ترّحل من فترة لأخرى والتي تمثلت بتفشي الفساد وغياب الإصلاح السياسي والاقتصادي.
ولا يغيب عن بالنا الدور الغربي والأيدي الخفية التي تتلاعب بمصير المنطقة لتحقيق مصالحها.ويجب الحشد كل الحشد ضد الارهاب الاسرائيلي الصهيوني الذي يحتل فلسطين، وإنني على قناعة أنه بزوال الاحتلال سيضعف التطرف، وتزول أسبابه.
نستذكر بكل اسى وبقلوب يعتصرها الألم ما حل بالأمة العربية من هوان أدى إلى حروب طائفية أهلية في العراق وسوريا وليبيا واليمن، وأدى إلى هذا بالاستقواء الإقليمي والدولي على الأمة جمعاء.وندعو الله أن يكون القادم أفضل من الذي مضى، وهذا الدعاء يتحقق فقط في حال عدنا لرشدنا بالايمان بقدراتنا كأمة في أن نتحد ضد الاخطار الداخلية والخارجية، وأن تكون لدينا الرؤيا والبصيرة في أن نستفيد من تجارب من سبقونا، وأن ندرك أن إضعافنا يأتي في سياق أن الكيان الضعيف إلى زوال، وأن نتجنب أن نكون كيانات هشة من السهل دك الأسافين فيها والسيطرة عليها. لا يجب ان يفوتنا العمل بجد لإعادة الوفــاق الوطني العربي بين الدول العربية لترسخ قناعاتنا في أن شفاء كل بلد عربي وتعافيههــو تحصين لنا، والعكس صحيح.
وحيث أن التدخل الخارجي أصبح فاضحاً وسافراً وكشف العقم والعجز العربي الذي أصبح يهددنا حتى في الأردن، فكيف تم تحويل الصراع من عربي اسرائيلي الى إسلامي إسلامي؟ لولا الايدي الخبيثة الخفية التي تريد الشر لامتنا العربية والاسلامية وتريدنا أن نطفو على بحر من الاقتتال الطائفي.
وها هي القمة العربية منعقدة اليوم في شرم الشيخ، وندعو الله أن يهدي حكامنا وأن يكون هذا المؤتمر بداية الصحوة العربية.
أما التطرف وأشكاله فكان أجدى أن تكون مسألة نحن نعالجها على المستوى القطري لكل دولة، لا أن نختبئ وراء تجاذبات إقليمية ودولية ساهمت لمآرب خاصة بها في تأزيم الأوضاع وأوصلتنا إلى ما وصلنا اليه.ورغم ذلك دافعنا عن قيمنا ضد التطرف، ولم نكن بعيدين عنه فقد كوينا بناره وسقط أبناؤنا شهداء دفاعاً عن الواجب.
وهنا نستذكر بالرحمة الشهيد معاذ الكساسبة الذي قضى غيلة وثأرًا من قوى التطرف والارهاب.وأحيي والده المواطن الصالح الأستاذ صافي الكساسبة الذي وقف موقفاً مشرفاً منذ استشهاد ابنه معاذ، وتصرف بحكمة ومسؤولية سليمة وقامة وطنية عالية.
فلنستذكر شهداءنا في معركة الكرامة وفي كل معارك الشرف ولنترحم على أرواحهم ونعاهدهم أن دماءهم لن تذهب هدراً، وسندافع عن الوطن ونبذل الغالي في سبيله، ونقول بالصوت العالي: أنتم يا شهداء الجيش العربي، مثالنا وعنوان مرحلتنا القادمة. هذه هي معاني معركة الكرامة وهكذا ضحى واستشهد معاذ الكساسبة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته