Image
Image

"من يحمي الأستقرار الدولة أم السلطة"

 

(*) محاضرة طاهر المصري بعنوان "من يحمي الأستقرار الدولة أم السلطة" – مجمع النقابات المهنية – الكرك (24/10/2016).

 

السيدات والسادة،

قدم جلالة الملك عبد الله الثاني ورقة العمل النقاشية السادسة، وفيها العديد مما يرنو إليه الانسان من مبادىء وقيم إصلاحية ومعان وطنية. وعظيم أن تأتي تلك المبادرة من رأس الدولة التي تعيش في قلب النزاعات والصراعات التي دمرت مفهوم الأمة، ودمرت النظام العربي بأكمله.

 

وجــــرت الإنتخابات النيابية، بعدد قليل من التجاوزات هنا وهناك. وأصبــح لدينا مجلس نيابي جديد، منتخب لأول مرة على أساس القائمة النسبية.كذلك، فإن الهيئات الدستورية الأخرى أخذت مواقعها الجديدة.وبذلك تكون الدولة الأردنية قد أصبحت على مفترق طرق جديد وربما حاسم.

 

مجلس النواب الجديد، سوف تترتب عليه في هذه الأوقات الصعبة مسؤوليات كبيرة تتعلق أولاً بالحفاظ على مستوى رفيع من التشريع والفهم الواضح لقيم ونوعية وخاصية وواجبات ومسؤوليات تمثيل الشعب.وثانياً مسؤولياته في الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وما يقره مجلس النواب أو ما يدفع به، ستكون له أثار بعيدة المدى على المجتمع. أخطر ما يمكن أن يقوم به المجلس هو تخليه عن دوره واستقلاليته، ليصبح متلقياً وليس مبادراً. ويفقد بذلك صفته كممثل حقيقي للشعب. وسوف أوضح هذا الدور في ثنايا المحاضرة.

 

السيدات والسادة،

منذ عقود من الزمن، والأردنيون ينشدون إصلاحات متدرجة نحو بناء المجتمع الحداثي الديموقراطي الذي يقوي أسس الدولة.وطالبت مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والقوى السياسية بإقامة الدولة المدنية. ونُشرت بهذا الصـــدد جبال من الدراسات، وألقيت المحاضرات ورفعت الشعارات.وهرم المواطن والمجتمع على امتداد العالم العربي وهو يطالب بأعلى الصوت بتحقيق العدالة والمساواة وسيادة القانون ويتوق إلــى دولة المواطنة. ورفعت الحكومات الأردنية الشعارات البراقة حـــول جهودها ونواياها لتحقيق ذلك. ولكن الاخفاق كان واضحاً. ولم تتحسن نوعية الحياة للمواطن العادي ولا تحسنت الخدمات العامة.وتراجعت معظم المؤشرات المالية والاقتصادية إن لم يكن كلها، وإنحدر معها مستوى ثقة المواطن بالحكومات، وأصبح إتخاذ القرار مركزياً بشكل غير مسبوق.

 

وأتى الربيع العربي وذهب.وضاعت هذه المطالـــب في خضم الفوضى والعنف والتشرذم، وعادت حليمة الحكومات إلى عاداتها القديمة. وروج البعض في العالم وفي الإقليم أن العربي غير مهيأ للديموقراطية أو أنه غير قابل للتغيير والانتظام في دولة المؤسسات. وصار الإرهاب آفة يحاول البعض إلصاقها بمجتمعاتنا وثقافتنا.

 

وإزدادت وتيرة هذه المطالبات بعد الربيع العربي، حيث ظهر أن هناك شرق أوسط جديد يرسم خارج الإقليم، وينفذه أبناء الإقليم أنفسهم. وتولت في إسرائيل الحكم حكومةٌ متطرفةٌ تعلن عن نواياها بكل وضوح. ومهما ادعت من أنها لا تكنّ للأردن إلا الدعم والسلم، فإن خططهــا إذا ما نفذت، سيــكون الأردن أول ضحاياها.فنواياها المعلنة تعتبر تهديداً مباشراً للأمن الوطني الأردني. ويتلاشـــى إحتمال إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة. بل العمل جار على تصفية (وليس تسوية) القضية الفلسطينية وهذا الحل سيكون على حساب الأردن، وضــرب العنف الوحشي والدمار صميمَ النظام العربـــي والهوية العربية. في نفس الوقت كــان الأردنيون يستمتعون بنعمة إنجازهم العظيـم، آلا وهو تحقيق الأمن والأستقرار بالرغــم من أنه محاط بأهوال السوار الملتهب.

 

السيدات والسادة،

بعد هذا الاستعراض السريع للعوامل السياسية التي تواجه الأردن، يمكنني القول إن الأردنيين جميعاً يتفقون على أن الأمن والإستقرار ميزة هامة وإنجاز عظيم حققته القيادة الهاشمية والوعي والصبر الشعبي عبر تراكم الإرادة والرؤى خلال العقود الماضية.كما يتفقون على ضرورة المحافظة على هذه الميزة وعلى ديمومتها وعلينا أن نبحث وبعمق العوامل والأسباب التي وفرت للأردن هذا الإستقرار الذي ننعم فيه.

 

هذه الأجواء المريحة نسبياً، أتاحت للناس نقاشات وحوارات واسعة وعميقة، تمحورت حول السؤال التالي: كيف نحافظ على ميزة الأمن هذه؟ وما هي الطريق الأفضل لكي نصون هذه النعمة؟ وكيف نعزز منظومة الآمان ونبني في نفس الوقت الدولــة الوطنية والحكم الرشيد الذي يحقق للمواطنين الرخاء والمواطنة وحقوق الأنسان؟ بمعنى آخر: كيف نتعامل مع معادلة الدولة والسلطة في ضوء تلك الضغوطات الهائلة التي تواجه الأردن داخلياً وخارجياً؟ وهل تكون الأولوية لبناء الدولة؟ أم لبناء السلطة؟ أم ماذا؟

 

وفي ضوء صدور التشريعات التي تزعم الحكومات أنها إصلاحية وناظمة لحريات الناس، يبرز سؤال هام آخر: هل يهدف القانون إلى تنظيم شؤون المجتمع وهو تعبير عن الحرية ام هو تعبير عن السلطة؟ إن استخلاص العبر مما جرى ويجري في عالمنا العربي يحتم علينا أن نعترف بأننا فشلنا، كمجتمع عربي في تحديد وحصر العلاقة بين الدولة والسلطة. وهذا امر أساسي في حياة الأمم نحاول أن نتجاهله أو نخاف من طرحه للنقاش لإعتبارات عديدة.

 

الإجابة الموضوعية والواقعية على هذه الأسئلة ضروري، لكي نبدأ مسيرة الآلف ميل على طريق إعادة صياغة المجتمعات العربية. إذ لم يعد ممكناً بعد الآن أن نتجاهل أو نقلل من حجم الانقسامات والاستقطابات في المجتمع الأردني، ولا يمكن إنكــار التغيير القيمي السلبي في المجتمع. ولن تقنع كل أبواق النفاق أحداً بعكس ذلك. ولأننا لم نفعل ذلك سابقاً، ذهبت سدى كل الجهود والتضحيات التي قدمتها جماهير الشعب والنخب الوطنية السياسية والاجتماعية في الدول العربية للحصول على الدولة الديموقراطية والحكم الرشيد.

 

أجيب على سؤالي بالقول إنه نظرياً، السلطة السياسية سلطتان: سلطة الدولة وسلطة الحاكم.سلطة الدولة هي الأساس والأصل لأنها تعني الجغرافيا والشعب والدستور والاستقلال والسيادة. وسلطة الحاكم، وهي مستمدة من سلطة الدولة هدفها تنفيذي، بل هي المظهر للسلطة السياسية. الحاكم (الملك) يستمد سلطته من الدستور. لذلك يؤدي الملك القسم أمام مجلس الأمــــة بالمحافظة على الدستور. وبالتالي فإنه أصبح جزءاً من السلطة. وأنا هنا أتحدث عن نظرية سياسية عامة وفي المفهوم المطلـق. وهذه النظرية تدرس في الجامعات وكليات الحقوق والإدارة السياسية في العالم.

 

الإنتخابات بمفهومها الواسع، هي أهم مرفق في العمل الديموقراطي. وهي ترجمة واقعية لمبدأ (الأمة مصدر السلطات). ومنذ قرون، وهذا المفهوم يتطور ويتبلور ليصبح اليوم النظام البرلماني الديموقراطي.وحتى من لا يمارس هذا المفهوم من الأنظمة، فإنه يدعي أمام العالــــم أنــــه يمــارسه، تحقيقاً لشرط أساسي في المفهوم البرلماني الديموقراطي. فالأمة -مصدر السلطات-لا يمكنها أن تجلس في المكاتب وتحكم، بل هي تفوض مجموعة من الناس لمدة زمنية محددة لإدارة شؤونها. وإذا رأت الأمة أن هذه المجموعــة، ولنسميها الحزب، لم تحقق أو تلبي متطلبات الدولــة والشعب، فإنها أي الدولة، تختار عبر الإنتخابات غير هذه المجمــوعة أو الحزب، وتمنح تفويضها للحزب الآخـــر. هذا يسمــى تداول السلطة.من يمارس ذلك من الأمم تكون مجتمعاته ديموقراطية، وهي كذلك لأن لها الحــق في إسترجاع صلاحياتها عبر صناديق الإقتراع، ولا تسمح بهيمنة سلطــة على أخرى. لذا فهي دول ومجتمعات مستقرة وتتمتع بالأمن، ولا تشهد بلدانها الثورات كما في العالم الثالث.

 

امـــا فـــي دول العالـــم الثالث، والأردن واحد من هذه الدول، فإن العلاقة بين الفرد والدولة غير محددة المعالم، تكيّفها السلطة أو تفسرها حسب هوى الحكومات والظروف. وبالتالــي، يتأثر دور مجلس النواب بهذا الوضع صعوداً ونزولاً.وفـــي حالات عـــــربية معروفة، فإن السلطة هي التي أخلــت بمفهوم الدولة، وهي التي أدت إلى ما صار الوضع عليه في بلادها.

 

السيدات والسادة،

الدستور الأردني بصيغته الأصلية الصادر عام 1952 حقق ذلك التوازن الدقيق والمطلوب بين الدولة والسلطة. ولهذا كان الدستور يعتبر من أرقى الدساتير في العالم العربي، إن لم يكن من أرقاها دولياً.وإستطاع الدستور بنصه وروحه، أن يساهم بشكل رئيسي وفعال في حفــظ التوازن بين سلطات الدولة الدستورية. وحافظ على عدم سيطرة أو هيمنة سلطة على أخرى. إن روعة ودقة المادة الأولى مـــــن الدستور التي تنص (... ونظام الحكـــــم فيها نيابي ملكي وراثي) لا يضاهيها إلا روعـــة المـــواد 25 (تناط السلطة التشريعية بمجلس الأمـــة والملك...) والمادة 26 (تناط السلطة التنفيذية بالملك) ولكـــن (يتولاها بواسطة وزرائه) والمادة 27 (السلطة القضائية مستقلة تتولاها المحاكم على إختلاف أنواعها).

 

إن هذه المعادلة الدقيقة والعادلة يكمن وراءها مبادىء ومفاهيم عالمية إنسانية ديموقراطية عميقة وأعطت لكل سلطة دستورية حقها.ولا أبالغ عندما أقول بأن الإستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي في الأردن، ما كان ممكناً إلا مع تطبيق هذه المواد الدستورية نصاً وروحاً.ولغرض إستخلاص العبر، وفي ضوء هذه الظروف التي تحيط بنا، فإننا أحوج ما نكون إلى التمسك بميزة توازن السلطات الدستورية، وعدم السماح باختلال التوازن بينها.

 

قد يقول قائل، إن الظروف التي يمر بها الأردن والمنطقة، خاصةً، تغلغل التطرف في مجتمعاتنا وتهديد الإرهاب، حتمت عليه أن يقوى السلطة حفاظــاً على الأمن والإستقرار اللذين أصبح لهما الأولوية عند المواطن والحاكــم. ودليلهم ما يجري امامنا من الحوادث اليومية والمشاجرات الجماعية، والمتاجرة بالمخدرات والسلاح، وتغيير أخلاق ومزاج الفرد والمجتـمع بحيث أن الإنغلاق الفكري والتطرف أصبح ظاهرة مؤلمة في مجتمعنا، إضافة إلى تراجع وإنحسار هيبة الدولة والأخطار الأمنية القادمة من حولنا ومن الجيران.

 

وأعترف بأن في هذا القول منطق مقبول، وأن الأولوية في هذه الظروف لتحقيق الأمن والاستقرار. ولكنني أتسأل: أليس شعور المواطن بغياب هذه المتطلبات هو الذي أدى إلى وصوله لهذه الحالة الفكرية والقيمية؟ ثم أليس المفهوم الديموقراطي للدولة هو الأقدر على إمتصاص الإحباطات والأخطاء والظروف السياسية؟ أليس المنطق والمفاهيم وخارطة الطريق التي رسمتها الأوراق النقاشية التي نشرها جلالة الملك، وآخرها الورقة السادسة والتي تم تجاوزها من قبل الحكومات المتلاحقة، هي الطريق الصحيح لبناء الدولة المتوازنة التي أقرها الدستور الأردني؟ ومن قال إن مفهوم الدولة يتناقض ويتنافــى مع مفهوم الأمن والاستقرار. العكس هو الصحيح والأول يكمل الثاني والأمثلة أمامنا كثيرة.الأمن الأمني هو في خدمة بناء الدولة والمؤسسات وتــرسيخ مفهوم المؤسسية وتقوية سلطات الدولة والتوازن بينهــا. فالأمن الأمني مطلوب وجدير بالإحترام والدعم، بل هو موجود حتى يساهم في تحقيق الأمن الشامل وليست مؤسساته موجودة وكفؤه إلا للوصول إلى الأمن الاجتماعي والسياسي. ولكنه غير كافٍ لوحده لتحقيق الاستقرار.فالأمن الإنساني والاجتماعي هو ضمان أكبر وأبقى. وأمامنا العديد من الأمثلة العربية التي لم يستطيع الأمن الأمني وحده حماية الوطن.

 

السيدات والسادة،

دعوني أنتقل الى الورقة الملكية النقاشية السادسة. أعتقد أن محتوياتها تصب في صميم مفهوم بناء الدولة لما تحتويه من أفكار تنويرية إصلاحية.ومعظمنا يتساءل: إذا كانت هذه الأفكار هي مطلب شعبي كاسح وتحظى أفكارها بكل الدعم، وإذا كان صاحب الإفكار وكاتب الورقة هو جلالة الملك رأس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية، فلماذا هي ورقة نقاشية؟ أنا لا أتفق مع وصفها بالنقاشية.فهذا الوصف قد يعطي الانطباع بإمكانية التغيير فيها أو بعدم الالتزام بأفكارها. فالمتداول بين الناس أن الأوراق النقاشية الخمسة ومخرجات اللجان الملكية الاخرى وعلى رأسها لجنة الحوار الوطني لم يتم التعامل معها بالجدية المطلوبة لأسباب يجهلها الجمهور. ربما إن البيروقراطية والفريق الحكومي المكلف بتطبيق الأفكار الواردة في الأوراق، لم يكونوا في أجواء القبول والموافقة على ما جاء فيها.ولم تسر في عروق الجهاز الإداري دماء الحاجة للتغيير والإصلاح. وخيراً فعل جلالة الملك بتكليف لجنة هدفها ترجمة مفهوم سيادة القانون إلى واقع عملي، وإلى خطط محددة وواضحة، ووضع جدول زمني للإنجاز.فتجربة المجتمع الأردني تقول إن العبرة اليوم في التنفيذ والعمل، وليس بالقول. وأقتبس من الورقة السادسة فقرة تقول (إن مسؤولية وإنفاذ سيادة القانون بعدالة ونزاهة تقع على عاتق الدولة).

السيدات والسادة،

قاد الدولة منذ إنشاء الإمارة عام 1921، رجال أكفاء كان هدفهم وتوجههم إقامة الدولة بكل معانيها السياسية والاجتماعية والاخلاقية والانسانية. وصاغوا وأقروا القوانين التي تحكم مسار الدولة بالمفهوم العصري والديموقراطي. وتوجت تلك الجهود عام 1952 بإقرار الدستور الأردني الجديد. هذا الدستور هــو ثمرة أربعين عاماً من التدرج والتطور والنضوج الإداري والاجتماعي.وقاد المسيرة ملوكنا الهاشميون. وأصبح الأردن موضع اهتمام دول العالم الثالث والعالم، لأنه من خلال دولة المؤسسات الدستورية وسيادة القانون، ومن خلال التوازن بين السلطات الدستورية، إستطـــاع أن يصل إلى هذه المرحلة من التقدم السياسي والاجتماعـــي والإداري. فَفَهمُ الآباء مؤسسي الدولة الأردنية لهذه العوامل الهامة، جنب الأردن الكثيــر مما تتعرض له بعض الدول العربية في هذا الوقت من تدمير وقتل. وكانت المفاهيم والتطبيقات الدستورية في أرقى صورها. وكلها تصب في بناء الدولة بمفهومها العصري الحديث. ولا نزال نتغنى بمواقف القامــات السياسية والادارية والقضائية الاردنية التي وقفت بصلابة مع الدستور وسيادة القانون.

 

السيدات والسادة،

هناك دعوات رسمية وشعبية لتكون الحكومات حكومات برلمانية. شخصياً، لا أرى أن تحقيق ذلك ممكـن في الزمن القريب أو أنه في صالح المجتمع. وكما أسلفت، فإن هناك متطلبات أساسية يجب أن تتوفر حتى يكون ذلك التحول الإستراتيجي في مصلحة الأمة. وهــــو أن يصبح مفهوم الدولة، والالتزام بالدستور نصاً وروحاً، ومفهوم توازن السلطات أمراً راسخاً لا تأويل فيه، إضافة إلى تحديد العلاقة بين السلطة والمواطن لتكون علاقة محددة المعالم وراسخة في معانيها. عندها نكون جاهزين للحكومات البرلمانية.أما الان، فهذه المتطلبات غير متوفرة. ولا يمكن إنشاء البنيان العالي على بنية تحتية هشة. إرتفاع البنيان سوف يأخذ جهداً ومثابرة وإرادة ووقتاً.

 

الحكومة البرلمانية سوف تزيد من هذا الخلل حيث تصبح السلطة التشريعية والتنفيذية مندمجين في سلطة واحدة. فنحن نعاني حالياً من إنبطاح السلطة التشريعية أمام حاجة النواب للخدمات. فما بالك إذا أصبح هذا النائب المتعطش للخدمات في منطقته جزءاً من السلطة التنفيذية. لو أن النائب يعرف مكانته الحقيقية في النظام السياسي، لما احتاج إلى أن يلعب هذا الدور الصغير فقط.فمفهوم تمثيل الشعب هو اكبــر جائزة يمكن للإنسان أن يحصل عليها. أرجو وأدعو الله أن يكون المجلس الجديد يقدر أهميته كمؤسسة وكممثليين حقيقيين للشعب، فإهمــية مجالس الشعب في النظم السياسية هي أكبر وأهم مما يظن نوابنا.

 

خلاصة القول هو أن طريق بناء الدولة هو المطلوب وهو الأسلم.وأن السلطة يجب أن تدعم بناء الدولة لا أن تحل محلها أو أن تبطىء في نموها. وما يجري حولنا من نزاعات وإقتتال شرس سببه الرئيسي أن السلطة أخذت مكان الدولـــة وإنتفدت العدالة وقزمت الحريات وأصبح القرار فيها نخبوياً.

 

أسس بناء الدولة يمكن تلخيصها بالمبادىء التالية:

  • تطبيق مفهوم الأمة مصدر السلطات، بكل ما يعنيه ذلك من معاني دستورية.
  • توازن السلطات الدستورية بحيث تتولى كل سلطة مهامها حسب ما هو مذكور في الدستور.
  • توزيع عوائد التنمية على كافة محافظات المملكة والعمل على توسيع الطبقة المتوسطة والحد من التفاوتات بين الطبقات.
  • تشجيع قيام الاحزاب الوطنية على أن يتم تطوير النظام السياسي والانتخابي لكي تصبح أساس العمل السياسي هو من خلال الحزب والتالي تطبيق مفهوم تداول السلطة لتكون بين الأحزاب.
  • أن يكون تطبيق هذه المبادىء بحرص ودقة وبإشراف عالي المستوى وعلى يد أشخاص مؤمنين بهذا الخط.

 

السيدات والسادة،

أختم بالقول إننا شعب عنده كل الإمكانات والإرادة ليكون قدوة ومثالاً في الإقليم وفي عالمنا العربي والإسلامي. ويجب ألا نبخس حق شعبنا في قدراته. فقد حبانا الله قيادة تاريخية حكيمة، وإذا ما إستخلصنا العبر، وإذا ما تحلينا بالشجاعة والموضوعية، وإذا ما نظرنا إلى الامام، لا ننتظر لتداهمنا الأحـداث، وإذا ما واجهنا وتعاملنا مع الشرخ بين الآمال الكبيرة والواقع المرير، وإذا ما تحررنا من خداع النفس بأن الكلام يُغني عن الفعل الصائب، وأن الترويج والنفاق يغني عن الممارسة.إذا ما فعلنا ذلك، فإننا بإذن الله ســـوف نرسخ الأمن والاستقرار ونبني الدولة المجيدة، ونصبح قدوة في منطقتنا العربية.

Term of use | Privacy Policy | Disclaimer | Accessibility Help | RSS

eMail: info@tahermasri.com Tel: 00962 65900000

Copyright @ 2015 Taher AlMasri the official web site, All Right Reserved

Image